للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: كان حُذَيْفَةُ رحِمَه اللهُ، وسعيدُ بن جُبَيْرٍ، والشَّعْبِيُّ، وأبو جَعْفَرٍ محمدُ بن عليٍّ، لا يَصومُون في السَّفَرِ (١)، وكان عَمْرُو بن ميمونٍ، والأسودُ بن يَزِيدَ، وأبو وائِلٍ، يَصومُون في السَّفَرِ، وكان ابنُ عمرَ يَكْرَهُ الصِّيامَ في السَّفَرِ. وعن سعيدِ بن جُبَيْرٍ مثْلُه (٢).

حدَّثنا إبراهيمُ بن شاكِرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بن عثمانَ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن عثمانَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عبدِ الله بن صالحٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن جعفرٍ الرَّقيُّ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بن عَمْرٍو، عن عبدِ الكريمِ، عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ، قال: إنّما أرادَ اللهُ برُخصةِ الفِطرِ في السَّفرِ التيسيرَ عليكم، فمَن تيسَّرَ عليه الصومُ فلْيصُمْ، ومن تيسَّرَ عليه الفطرُ فلْيُفطِرْ (٣).

فإن قال قائلٌ ممَّن يميلُ إلى قولِ أهلِ الظَّاهرِ في هذه المسألَةِ: قد روي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "ليس البِرَّ - أو: ليس من البِرِّ - الصِّيامُ في السَّفرِ". وما لم يكُنْ من البِرِّ فهو من الإثم، واستَدلَّ بهذا على أنّ صومَ رمضانَ في السَّفَرِ لا يُجْزئُ. فالجوابُ عن ذلك: أنّ هذا الحديثَ خرَج لفظُه على شخصٍ معيَّنٍ، وهو رجلٌ رآه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صائمٌ قد ظُلِّلَ عليه وهو يَجودُ بنفسِه، فقال ذلك القولَ، أي: ليس البِرَّ أن يبلُغَ الإنسانُ بنفسِه ذلك المبلَغَ، واللّهُ قد رخَّص له في الفِطرِ. والدليلُ على صحَّةِ هذا التأويلِ: صومُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في السَّفرِ، ولو كان الصومُ في السَّفر إثمًا، كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أبعَدَ الناسِ منه.

حدَّثنا عبدُ الوارِثِ بن سفيانَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن دُحيم، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بن حمادٍ، قال: حدَّثني عَمِّي إسماعِيلُ بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بن


(١) ينظر مصنف ابن أبي شيبة (٩٠٦٤) و (٩٠٦٥).
(٢) ينظر مصنف ابن أبي شيبة (٩٠٨٠).
(٣) أخرجه الفريابي في الصيام (١١١)، والطحاوي في شرح المعاني ٢/ ٦٦ من طريق عبيد الله، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>