للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِهْرَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فما نفِسْناهُ عليكَ. فقال: أنا أبو حسن، أي قومُ (١)، فأرسِلُوهما فانظُروا. ثم اضطجَع.

قال: فلمّا صلَّى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الظُّهرَ، سبَقناهُ إلى الحُجَر، فقُمنا عندَها حتى جاء، فأخَذ بأيْدِينا ثم قال: "أخرِجا ما تُصَرِّران" (٢). ثم دخَل ودخَلْنا عليه، وهو يومئذٍ عندَ زينبَ بنتِ جَحْش، قال: فتواكَلْنا الكلام (٣)، ثم تكلَّم أحدُنا فقال: يا رسولَ الله، أنت أبرُّ الناس، وأوصلُ الناس، وقد بلَغْنا النكاح، فجئنا لتؤمِّرَنا على هذه الصدَقات، فنؤدِّيَ إليك ما يُؤدِّي العُمّال، ونُصيب ما يُصيبونَ. قال: فسكَتَ طويلًا، حتى أردْنا أن نُكلِّمَه، حتى جعَلتْ زينبُ تُلمِعُ إلينا (٤) من وراءِ الحجاب ألّا تُكلِّماهُ، ثم قال: "لا، إنَّ الصدقةَ لا تنبغي لآلِ محمد، إنما هي أوساخُ الناس، ادعُوا لي مَحْمِيَة -وكان على الخُمُس- ونوفلَ بنَ الحارثِ بنِ عبدِ المطلب". فجاءاهُ، فقال لمَحْميَة: "أنكِحْ هذا الغلامَ ابنتَك". للفَضْلِ بنِ عباس، فأنكَحَه، وقال لنوفل بن الحارث: "أنكِحْ هذا الغلامَ". لي، فأنكَحَني، ثم قال لمَحْمِيَة: "أصْدِقْ عنهما من الخُمُس كذا وكذا". قال ابنُ شهاب: ولم يُسمِّه لي.


(١) قوله: "أي قوم" قال الخطابيُّ: "هو في أكثر الروايات القوم. وكذلك رواه لنا ابن داسة بالواو، وهذا لا معنى له، وإنما هو القرم. وأصلُ القرم في الكلام: فحل الإبل، ومنه قيل للرئيس: قرم؛ يريد بذلك أنه المقدّم في الرأي والمعرفة بالأمور، فهو فيهم بمنزلة القرم في الإبل". معالم السُّنن ٣/ ٢٤، وينظر ما سيأتي.
(٢) قوله: "أخرِجا ما تُصَرِّران" أي: أخرِجا ما جمعتُما في صُرَرِكُما وأبِيْناهُ. قاله القاضي عياض في المشارق ٢/ ٤١. وأضاف: "وكلّ شيءٍ جمعته: فقد أصرَرْتَه. ومنه: المصرّات. وقيل: معناه: ما عزَمْتُما عليه. من: أصرَرْتُ الشيءَ: إذا عزمت عليه واعتقدته. ومنه: الإصرار على الذَّنْب".
(٣) قوله: "فتواكَلْنا الكلامَ" معناه أن كلَّ واحدٍ منّا قد وكَل الكلامَ إلى صاحبه؛ يريد أن يبتدئ الكلامَ صاحبُه دونه. ينظر: معالم السُّنن للخطابي ٣/ ٢٤.
(٤) قوله: "تُلْمع إلينا" أي: تُشير. ينظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي ٤/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>