للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ (١): إن صلَّى صلاةَ الطوافِ الواجبِ في الحِجْر أعاد الطوافَ والسعيَ بينَ الصفا والمروة، وإن لم يركَعْهما حتى بلَغ بلدَه أهراقَ دمًا ولا إعادة عليه.

قال أبو عُمر: أكثرُ أهلِ العلم لا يرَون للدم مَدخَلًا في شيءٍ من أبواب الصلاة في الحجِّ وغيرِ الحجِّ، وإنما يرَون في ذلك الإعادةَ على مَن لم يصلِّ ما وجَب عليه من ذلك ناسيًا إذا ذكَر.

واختلَفوا فيمَن نسيَ رَكْعتَي الطوافِ حتى خرَج من الحَرم أو رجَع إلى بلدِه.

فقال الشافعيُّ وأبو حنيفة (٢): يركَعُهما حيثُما ذكَر من حِلٍّ أو حرَم.

وقال سُفيانُ الثوريُّ (٣): يركَعُهما حيثُما شاء ما لم يخرُجْ من الحرم.

وقال مالكٌ (٤): إن لم يركَعْهُما حتى يرجِعَ إلى بلدِهِ فعليه هَدْيٌ.

قال أبو عُمر: مَن أوجَب الدمَ في ذلك، فحُجَّتُه أن ذلك منَ النُّسُكِ والشعائر، وقد قال ابنُ عباس: من نسيَ من نُسُكِه شيئًا فليُهرِقْ دمًا (٥). إلا أن مالكًا لا يرَى على مَن نسيَ طوافَ الوداع أو ترَكه دمًا، وهو من النُّسُكِ عندَ جميعِهم.


(١) المدوّنة ١/ ٤٨٣ - ٤٨٤، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٣٥.
(٢) الأمّ للشافعي ٢/ ٢٣٧، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٣٥.
(٣) ينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ١٣٧.
(٤) المدونة ١/ ٤٨٤.
(٥) أخرجه مالك في الموطّأ ١/ ٥٥٩ (١٢٥٧) عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن سعيد بن جُبير، عنه رضي الله عنها.
وأخرجه الدارقطني في سننه ٣/ ٢٧٠ (٢٥٣٤)، والبيهقي في معرفة السُّنن والآثار ٧/ ١٠٠ (٩٤٣٧) من طريق مالك، به. وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>