للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو إسحاقَ بنُ شَعْبان: عُرَنةُ موضِعُ الممرِّ من عرفة، ثم ذلك الوادي من فناءِ المسجدِ إلى مكةَ إلى العَلَم الموضوع للحَرَم. قال: وعَرَفةُ كلُّ سهلٍ وحَبْل (١) أقبَل على الموقفِ فيما بينَ التَّلعةِ إلى أن يُفضُوا إلى طريقِ نَعْمان، وما أقبَل من كَبْكَبٍ من عرفة.

وذكَر أبو المُصعَبِ أنه كمَن لم يَقِفْ، وحجُّه فائتٌ، وعليه الحجُّ من قابلٍ إذا وقَف ببَطْنِ عُرَنة. ورُوِيَ عن ابنِ عباس قال: مَن أفاض من عُرَنةَ فلا حجَّ له (٢). وقال القاسمُ وسالمٌ: مَن وقَف بعُرَنةَ حتى دفَع فلا حجَّ له. وذكَر ابنُ المنذرِ هذا القولَ عن الشافعيِّ، قال: وبه أقولُ؛ لا يُجزئُه أن يقِفَ بمكانٍ أمَر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ألّا يقفَ به.

قال أبو عُمر: قد ذكَرنا أنَّ الاستثناءَ لبَطْنِ عُرَنةَ من عرفةَ لم يجئ مجيئًا تلزَمُ حُجَّتُه؛ لا من جهةِ النقل، ولا من جهةِ الإجماع.

والذي ذكَر المُزَنيُّ (٣) عن الشافعيِّ قال: ثم يركَبُ فيروحُ إلى الموقفِ عندَ الصخَرات، ثم يستقبلُ القبلةَ بالدُّعاء. قال: وحيثما وقَف الناسُ من عرفةَ أجزأهم؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "هذا موقِفٌ، وكلُّ عرفةَ موقِفٌ".

قال أبو عُمر: ومن حُجَّةِ مَن ذهَب مذهبَ أبي المُصعب: أنَّ الوقوفَ بعرفةَ فرضٌ مجتمَعٌ عليه في موضِع معيّن، فلا يجوزُ أداؤُه إلا بيقين، ولا يقينَ مع الاختلاف.


(١) في الأصل: "جَبَل" بالجيم، والحبل: المستطيل من الرمل، وقيل: الضخم منه، وجمعه حبال، وقيل: الحبال في الرمل كالجبال في غير الرمل (النهاية لابن الأثير ١/ ٣٣٣)، وقال البكري في المعجم: "وبطن عُرنة: هو بطن الوادي الذي فيه مسجد عرفة، وهي مسايل، سيل فيها الماء إذا كان المطر يقال لها الحبال، وهي ثلاثة أقصاها مما يلي الموقف، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالارتفاع عن تلك الحبال إلى سفح جبل عرفة، أي أسفله" ٤/ ١١٩١ وهذا هو المقصود.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٤٨٠٢) من طريق سعيد بن جبير، عنه.
(٣) في مختصره ٨/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>