للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكَرَ عبدُ الرَّزَّاقِ (١)، قال: أخبَرنا ابنُ جُريج، قال: أخبَرني يونُسُ بن يوسُفَ، أنّه سمِع سعيدَ بن المسَيِّبِ يقولُ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في نَفَرٍ من أصحابِه، فقال: "ألا أُخْبِرُكم بليلةِ القدرِ؟ "، قالوا: بلى يا رسولَ الله. فسكَت ساعَةً، فقال: "لقد قُلْتُ لكم ما قُلْتُ آنِفًا وأنا أعلَمُها، أو إنّي لأعْلَمُها، ثم أُنْسِيتُها". فذكَر الحديثَ، وفيه: فاسْتَقامَ مَلأُ القومِ على أنّها ليلةُ ثلاثٍ وعشرين.

وأمّا قولُه: "التَمِسُوها في التاسعةِ والسابعةِ والخامسةِ". فقد اخْتَلَف العلماءُ في ذلك، فقال قومٌ: هي تاسعةٌ تَبْقَى؛ يَعْنُونَ ليلةَ إحْدَى وعِشْرِين، وسابعةٌ تَبْقَى؛ ليلةَ ثلاثٍ وعِشْرِين، وخامِسَةٌ تَبْقَى؛ ليلةَ خمسٍ وعِشْرِين. وممّن قال ذلك مالكٌ رحِمه اللهُ، وروَى سعيدُ بن داودَ بن أبي زَنْبرٍ، عن مالكٍ، أنّه سُئِل: ما وَجْهُ تَفْسِيرِ قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "التَمِسُوها في التاسعةِ والسابعةِ والخامسةِ"؟ فقال: أرَى، واللهُ أعلمُ، أنّه أراد بالتاسعةِ ليلةَ إحْدَى وعشرين، والسابعةِ ليلةَ ثلاثٍ وعشرين، وبالخامسةِ ليلةَ خمسٍ وعشرين. وقال ابن القاسمِ: رجَع مالكٌ عن ذلك، وقال: هو حديثٌ مَشْرِقِيٌّ لا أعلَمُه. وما حَكاه ابن القاسمِ فليس بشيءٍ، وقد قال مالكٌ وغيرُه من العلماءِ ما وصَفْتُ لك، واسْتَدَلُّوا على ذلك بأنّه قد رُوِيَ مَنْصوصًا مثلُ قولِهم هذا، وبتَقْدِيمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - التاسعةَ على السابعةِ، والسابعةَ على الخامسةِ.

وأمّا الحديثُ في ذلك، فحدَّثناه عبدُ الله بن محمدٍ، قال: أخبَرنا محمدُ بن بكرٍ، قال: أخبَرنا أبو داودَ (٢)، قال: حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا وُهَيْبٌ، قال: حدَّثنا أَيوبُ، عن عِكْرمةَ، عن ابن عباسٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:


(١) في المصنف (٧٦٨٧).
(٢) في السنن (١٣٨١).
وأخرجه البخاري (٢٠٢١) عن موسى بن إسماعيل عن وهيب، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>