للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: جاءَ في هذا الحديثِ كما تَرَى عن ابنِ مسعودٍ أنَّه قال: مَن يَقُم الحولَ يصبْ ليلةَ القدر. والذي تأوَّلَه عليه أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ رضِي اللهُ عنه، عليه جمهورُ العلماء، وهو الذي لا يجوزُ عليه غيرُه؛ لأنّه قد جاء عنه بأقْوَى مِن هذا الإسنادِ أنَّه قال: تَحَرَّوْا ليلةَ القدرِ ليلةَ سبعَ عَشْرَةَ، وإحْدَى وعشرين، وثلاثٍ وعشرين (١). وأظنُّه أراد بما حكَى عنه زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ الاجْتِهادَ في العملِ سائرَ العامِ بقيامِ الليل، واللهُ أعلمُ. وقد ثبَت عن أربعةٍ مِن الصحابَةِ رضِي اللهُ عنهم أنَّها في كلِّ رَمَضان، ولا أعلمُ لهم مُخالِفًا. وذكَرَ الجُوزْجانِيُّ، عن أبي حنيفةَ، وأبي يوسفَ، ومحمد، أنَّهم قالوا: ليلةُ القدرِ في السنةِ كلِّها. كأنهم ذهَبوا إلى قولِ ابنِ مسعود: مَن يَقُمِ الحَوْلَ يُصبْها. وقال مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو ثور، وأحمدُ: هي في العشرِ الأواخِرِ مِن رمضانَ إن شاء الله.

وروى سفيانُ وشعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبَير، عن ابنِ عمرَ، أنَّه سُئِلَ عن ليلةِ القدر، فقال: هي في كلِّ رَمَضان (٢).

ورَواه موسى بنُ عُقْبَةَ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جبير، عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا (٣). وقد قال بعضُ رُواةِ أبي إسحاقَ في حديثِ ابنِ عمرَ هذا: هي في رَمَضانَ كلِّه.


(١) هكذا قال، وكيف يكون ذاك الإسناد أقوى من هذا الذي فيه أُبيّ، وقد تقدم الكلام عليه قبل قليل.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٩٦٢١)، والطبري في تفسيره ٢٤/ ٥٤٥، والطحاوي في شرح المعاني ٣/ ٨٤.
(٣) أخرجه أبو داود (١٣٨٧)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٨٤ من طريق موسى بن عقبة. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
ورجح الدارقطني في علله ١٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩ الوقف على الرفع فقال: والموقوف أشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>