للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معاويةَ بن أبي سفيانَ رُوِيَ عنه من وجوه، وقد أجمَعوا على خلافِه، فأغنى إجماعُهم على ذلك عن (١) الاستشهادِ فيه بغيره. وفي قصّة معاويةَ مع أبي الدَّرداءِ إذ باع معاويةُ السِّقايةَ بأكثرَ من وزنها (٢)، بيانُ أنَّ الرِّبا في المصُوغ وغير المصُوغ، والمضروب وغير المضروب.

قال أبو عُمر: فالفضَّةُ السَّوداءُ والبيضاءُ، والذَّهبُ الأحمرُ والأصفرُ، كلُّ ذلك لا يجوزُ بيعُ بعضِه ببعضٍ إلا مثلًا بمثل، وزنًا بوزن، سواءً بسواء، على كلِّ حال، إلّا أن تكونَ إحدَى الفضَّتين أو إحدَى الذَّهبين فيه دخلٌ من غير جنسِه، فإن كانت كذلك لم يجزْ بيعُ بعضِها ببعضٍ البتَّة على حال، إلّا أن يحيطَ العلمُ أنَّ الدخلَ فيهما سواءٌ، نحوَ السِّكَّة الواحدة، لعدم المماثلة؛ لأنا إذا عدِمنا حقيقةَ المماثلةِ لم نأمنِ التَّفاضل، وقد ورَد الشَّرعُ بتحريم الازديادِ في ذلك، فوجَب المنعُ حتى تصحَّ المماثلة.

وروَى مالكٌ (٣)، عن نافع، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا الذَّهبَ بالذَّهب إلّا مثلًا بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعض، ولا تبيعوا الورِقَ بالورِقِ إلّا مثلًا بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز". وسيأتي القولُ في معنى هذا الحديثِ في باب نافع إن شاء الله.

قال أبو عُمر: المماثلةُ في الموزوناتِ الوزنُ لا غير، وفي المكيلاتِ الكيل، ولو وُزِن المكيلُ رجوتُ أن يكونَ مماثلةً إن شاء الله. وقد رُوِيَ عن ابنِ عبّاس رضي الله عنه، وعن بعض أصحابه، في هذا البابِ شيءٌ لا يصحُّ عنه إن شاء الله؛


(١) في ف ١: "من".
(٢) الموطأ ٢/ ١٥٩ (١٨٤٨)، وسيأتي شرحه في باب زيد بن أسلم من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
(٣) الموطأ ٢/ ١٥٧ (١٨٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>