للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن عائشة قالت: كان يُرَى وَبيصُ الطِّيبِ في مَفارِقِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ثلاثٍ وهو مُحْرِم (١).

قالوا: والصحيحُ في حديثِ ابنِ المنتَشِرِ ما رواه شعبة، عن إبراهيمَ بنِ محمدِ بنِ المنتَشِر، عن أبيه، أنّه سأل ابنَ عمرَ عن الطِّيبِ عندَ الإحرام، فقال: لأنْ أتَطيَّبَ بقَطِرانٍ أحَبُّ إليَّ من أن أفعل. قال: فذكَرْتُه لعائشة، فقالت: يَرْحَمُ اللهُ أبا عبدِ الرحمن، قد كنتُ أُطَيِّبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فيطوفُ على نسائِه، ثم يُصْبحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا (٢). قالوا: والنَّضْخُ في كلام العَربِ: اللَّطْخُ والجَرْيُ والظُّهورُ، قال الله عزَّ وجلَّ: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: ٦٦]. قال النابِغَة:

مِن كلِّ بَهْكَنَةٍ (٣) نَضْخُ العَبِيرِ بها ... لا الفُحْشُ يُعْرَفُ مِن فيها ولا الزُّورُ

يريد: لطْخَ العَبيرِ بها.

قالوا: ولا معنَى لحديثِ الأعرابيِّ في هذا لمَعان: منها: أنّه يَحتمِلُ أن يكونَ الأعرابيُّ تَطيَّبَ بعدَما أحْرَم.

ومنها: أنّه كان عامَ حُنَيْن، وتَطيُّبُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عندَ إحْرامِه في حَجَّةِ الوَداع، فلو كان ما تَطيَّبَ به الأعرابيُّ يومئذٍ مُباحًا للرِّجال في حالِ الإحلال، مُحَظَّرًا عليهم في الإحرام، كان ذلك مَنْسوخًا بفِعْلِه عامَ حَجَّةِ الوَداع - صلى الله عليه وسلم -.

قالوا: وقد صَحَّ وعُلِم أنَّ الطِّيبَ الذي كان على الأعرابيِّ يومئذٍ كان خَلُوقًا، والخَلُوقُ لا يجوزُ للرِّجالِ في حالِ الحلِّ ولا في حالِ الإحْرام.

واحْتَجُّوا فيما ذهَبوا إليه من هذا الحديثِ (٤) بحديثِ عبدِ العزيزِ بنِ صُهَيْب،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه أيضًا.
(٣) هي الجارية الخفيفة الروح الطيبة الرائحة.
(٤) لفظة "الحديث" لم ترد في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>