للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الباقي، حتى تقوموا به كما أمرتم؟ أما علمتم أن من فرّق بين ما أمر به فآمن ببعض وكفر ببعض فقد حبط- بما ضيّعه- أجر ما عمله.

قوله جل ذكره: فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.

أي ظنوا أن ما فعلوه نفعهم، فانكشف لهم فى الآخرة أن جميع ما فعلوه- لمّا مزجوه بالآفات وجرّدوه عن الصدق والإخلاص- غير مقبول منهم.

والأسراء أصناف: فمن أسير غرق فى بحار الهوى فإنقاذه بأن تدلّه على الهدى.

ومن أسير بقي فى أيدى الوساوس فافتداؤه أن ترشده إلى اليقين بلوائح البراهين لتنقذه من الشك والتخمين، وتخرجه عن ظلمات التقليد فيما تقوده إلى اليقين. ومن أسير تجده فى أسر هواجسه استأسرته غاغة نفسه، ففكّ أسره بأن تدلّه على شهود المنن، بتبرّيه عن حسبان كلّ حول يخلق وغير. ومن أسير تجده فى ربيطة ذاته ففكّ أسره إنشاده «١» إلى إقلاعه، وإنجاده على ارتداعه. ومن أسير تجده فى أسر صفاته ففكّ أسره أن تدله على الحق بما يحل عليه من وثائق الكون»

، ومن أسير تجده فى قبضة الحق فتخبره أنه ليس لأسرائهم فداء، ولا لقتلاهم عود، ولا لربيطهم خلاص، ولا عنهم بدّ، ولا إليهم سبيل، ولا من دونهم حيلة، ولا مع سواهم راحة، ولا لحكمهم ردّ.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٨٦]]

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦)

إن الذين آثروا عليه شيئا خسروا فى الدنيا والآخرة كما قالوا:


(١) إنشاده إلى إقلاعه أي مطالبته والنصح له.
(٢) وردت (المكون) والأصوب الكون لأن المقصود يقتضى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>