للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكشف الله عنهم العذاب، وآمنوا بالله، وكانوا يقولون: لو رأينا يونس لو قرّناه، وعظّمناه، فرجع يونس إليهم بعد نجاته من بطن الحوت، فاستقبله قومه، وأدخلوه بلدهم مسكّرّما.

ويقال: الذّنب والجرم كانا من قومه، فهم قد توعّدوا بالعذاب. وأمّا يونس فلم يكن قد أذنب ولا ألمّ بمحظور، وخرج من بينهم، وكشف الله العذاب عنهم، وسلموا.. واستقبل يونس ما استقبله بل أنه قاسى اللتيا والتي بعد نجاته ويا عجبا من سرّ تقديره! فقد جاء في القصة أن الله سبحانه- أوحى إلى يونس بعد نجاته أن قل لفلان الفخّار حتى يكسر الجرار التي عملها في هذه السنة كلّها! فقال يونس: يا رب، إنه قطع مدة في إنجاز ذلك، فكيف آمره بأن يكسرها كلّها؟

فقال له: يا يونس، يرقّ قلبك لخزّاف يتلف عمل سنة.. وتريدنى أن أهلك مائة ألف من عبادى؟! يا يونس، إنك لم تخلقهم، ولو خلقتهم لرحمتهم «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الصافات (٣٧) : آية ١٤٩]]

فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩)

لمّا قالوا في صفة الملائكة إنهم بنات الله بيّن الله قبح قولهم، فقال: سلهم من أين قالوا؟ وبأى حجّة حكموا بما زعموا؟ وأي شبهة داخلتهم. ثم إنهم كانوا يستنكفون من البنات، ويؤثرون البنين عليهن.. ومع كفرهم وقبيح قولهم وصفوا القديم- سبحانه- بما استنكفوا منه لأنفسهم! قوله جل ذكره:

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٦١ الى ١٦٣]

فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) .


(١) تتجلى براعة القشيري في التقاط نماذج من القصص تخدم فكرته العامة بخصوص تأميل العصاة، وإفساح باب التوبة أمامهم ... على عكس بعض الباحثين الذين لا يهمهم إلا التخويف والتبشيع، والتهويل والإقناط.

<<  <  ج: ص:  >  >>