(٢) هذا هو رأى القشيري فى «الخلّة» ، ونرى لزاما علينا أن ننبه إلى بعض الآراء الأخرى فيها. فالمعتزلة- الذين يبتعدون عن كل ما يحمل على التشبيه- يبذلون جهدهم فى الاستعانة باللغة للحصول على تأويلات للنص القرآنى تخدم هذه الغاية، فلما لم يرضهم حمل لفظة الخليل على ظاهرها فى الآية «وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا» (النساء: ١٢٥) استشهدوا ببيت من الشعر القديم لزهير وهو: وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالى ولا حرم (ديوان زهير نشر دار الكتب ص ١٥٣) وفيه خليل بمعنى محتاج، وقد أورد القشيري هذا الرأى ضمن تفسيره للآية ١٢٤ النساء، أي أنه لا يعارض أن تحتمل اللفظة هذا المعنى. ويفسر دكتور عبد الرحمن بدوي قول أبى طالب المكي (إن رابعة قد ارتفعت إلى وصف معنى الخلة) بما يلى: (على أن مقام الخلة هذا يمكن أن يفسر على أساس أنه شعور بتجاوز الخير والشر، ذلك أن القيم الأخلاقية لا اعتبار لها إلا بالنسبة إلى بنى الإنسان والدنيا. أما- رابعة ورباح- فقد تجاوزا نطاق البشرية وصارا يلوذان بجوار الألوهية واطرحا الناسوت وشاع فيهما اللاهوت» . شهيد العشق الإلهي ص ٦٣، ٦٤