قوله جل ذكره:
[[سورة هود (١١) : آية ٨٨]]
قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)
البيّنة نور تستبصر به ما خفى عليك تحت غطاء الغفلة.
والرزق الحسن ما به دوام الاستقلال، وما ذلك إلا مقتضى عنايته الأزلية، وحسن توليه لشأنك- فى جميع ما فيه صلاحك- من إتمام النعمة ودوام العصمة.
وقيل الرزق الحسن ما تعنّي صاحبه لطلبه، ولم يصبه نصب بسببه.
وقيل الرزق الحسن ما يستوفيه بشهود الرزق ويحفظه عند التنعم بوجود الرّزّاق.
ويقال الرزق الحسن ما لا ينسى الرزّاق، ويحمل صاحبه على التوسعة والإنفاق.
قوله جل ذكره: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ.
يمكن للواعظ أو الناصح أن يساهل المأمور فى كل ما يأمره به، ولكن يجب ألا يجيز له ما ينهاه عنه فإنّ الإتيان بجميع الطاعات غير ممكن، ولكنّ التجرّد عن جميع المحرّمات واجب.
ويقال من لم يكن له حكم على نفسه فى المنع عن الهوى لم يكن له حكم على غيره فيما يرشده إليه من الهدى.
قوله جل ذكره: إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ.
مدار الأمر على الأغراض المقضية حسن القصد بالإصلاح فيقرن الله به حسن التيسير، ومن انطوى على قصد بالسوء وكل الحقّ بشأنه التعويق.
قوله جل ذكره: وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ.
حقيقة التوفيق ما ينفق به الشيء، وفى الشريعة التوفيق ما تنفق به الطاعة، وهو قدرة الطاعة، ثم كل ما تقرب العبد به من الطاعة من توفير الدواعي وفنون المنهيات يعدّ من جملة التوفيق- على التوسّع.