للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٤٥]]

فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥)

الظلم يوجب خراب أوطان الظالم، فتخرب أولا أوطان راحة الظالم وهو قلبه، فالوحشة التي هى غالبة على الظّلمة من ضيق صدورهم، وسوء أخلاقهم، وفرط غيظ من يظلمون عليهم.. كل ذلك من خراب أوطان راحاتهم، وهو فى الحقيقة من جملة العقوبات التي تلحقهم على ظلمهم.

ويقال خراب منازل الظّلمة ربما يتأخر وربما يتعجل. وخراب نفوسهم فى تعطلها عن العبادات لشؤم ظلمهم، وخراب قلوبهم باستيلاء الغفلة عليهم خصوصا فى أوقات صلواتهم وأوان خلواتهم.. نقد «١» غير مستأخر.

قوله جل ذكره: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ.

الإشارة فى «بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ» : إلى العيون المتفجرة التي كانت فى بواطنهم، وكانوا يستقون منها، وفى ذلك الاستقاء حياة أوقاتهم من غلبات الإرادة وقوة المواجيد، فإذا اتصفوا بظلمهم غلب غشاؤها «٢» وانقطع ماؤها بانسداد عيونها.

والإشارة فى «قَصْرٍ مَشِيدٍ» إلى تعطيل أسرارهم عن ساكنيها من الهيبة والأنس، وخلوّ أرواحهم من أنوار المحابّ، وسلطان الاشتياق، وصنوف المواجيد.

قوله جل ذكره:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٤٦]]

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)


(١) (نقد) هنا معناها معجّل، تقابل (وعد) فى المؤجّل.
(٢) الغثاء- الفاسد من الماء، الممتلئ ببقايا الأشياء من وجه الأرض والرغوة القدرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>