للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان ما يدفع عن العبد من وجوه المحن «١» وفنون البلايا من مقدوراته لا نهاية له.

فكيف يأتى الحصر والإحصاء على مالا يتناهى؟

وكما أن النّفع من نعمه فالدفع أيضا من نعمه.

ويقال إن التوفيق للشكر من جملة ما ينعم به الحقّ على العبد فإذا أراد أن يشكره لم يمكنه إلا بتوفيق آخر فلا يبقى من النعم إلا ما يشكر عليه.

قوله جل ذكره:

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٣٥ الى ٣٦]

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)

«٢» كما سأل أن يجعل مكة بلدا آمنا طلب أن يجعل قلبه محلا آمنا أي لا يكون فيه شىء إلا بالله. «وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ» : والصنم ما يعبد من دونه، قال تعالى:

«أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ» «٣» فصنم كلّ أحد ما يشغله عن الله تعالى من مال وولد وجاه وطاعة وعبادة.

ويقال إنه لمّا بنى البيت استعان بالله أن يجرّده من ملاحظة نفسه وفعله.

ويقال إنه- صلى الله عليه وسلم- كان مترددا بين شهود فضل الله وشهود رفق نفسه، فلما لقى من فضله وجوده قال من كمال بسطه: «وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ» .

ولما نظر من حيث فقر نفسه قال: «وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ» .

ويقال شاهد غيره فقال: «وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ» ، وشاهد فضله ورحمته ولطفه فقال: «وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ» .


(١) وردت (المحسن) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) سقطت (وإذ) من الناسخ. [.....]
(٣) آية ٢٣ سورة الجاثية.

<<  <  ج: ص:  >  >>