لا تزد في خسفه لحرمة أنه سأل عن ابن عمه، ووصل به رحمه «١» قوله جل ذكره:
[[سورة القصص (٢٨) : آية ٧٧]]
وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)
وعظ من حرم القبول كمثل البذر في الأرض السّبخة ولذا لم ينفعه نصحهم إياه، ولم يكن للقبول فيه مساغ.
«وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا» : ليس النصيب من الدنيا جمعها ولا منعها، إنما النصيب منها ما تكون فيه فائدة بحيث لا يعقب ندما، ولا يوجب في الآخرة عقوبة ويقال النصيب من الدنيا ما يحمل على طاعته بالنّفس، وعلى معرفته بالقلب، وعلى ذكره باللسان، وعلى مشاهدته بالسّرّ.
«وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ» : إنما كان يكون منه حسنة لو آمن بالله لأنّ الكافر لا حسنة له. والآية تدل على أن لله على الكافر نعما دنيوية.
والإحسان الذي أمر به إنفاق النعمة في وجوه الطاعة والخدمة، ومقابلته بالشكران لا بالكفران.
ويقال الإحسان رؤية الفضل دون توهّم الاستحقاق.
قوله جل ذكره:
[[سورة القصص (٢٨) : آية ٧٨]]
قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)
ما لا حظ أحد نفسه إلا هلك بإعجابه.
ويقال السّمّ القاتل، والذي يطفئ السراج المضيء النظر إلى النّفس بعين الإثبات،
(١) الواقع أن القصص والأخبار والروايات التي تدور حول موضوعات سورة القصص كثيرة جدا، خصوصا عند ابن عباس ومدرسته، ولكن الملاحظ أن القشيري يختار منها- فى ظلال القرآن- عينات خاصة تحقق مقاصده البعيدة من أجل إبراز الموضوعات الصوفية سواء من ناحية الرياضات أو المجاهدات أو من ناحية الأذواق والأحوال.