للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقائق لا تنكتم أصلا ولا بدّ من أن تبين ... ولو بعد حين.

نسب يوسف إلى ما كان منه بريئا، وأنّب على ذلك مدة، وكان أمره فى ذلك خفيّا.

ثم إن الله تعالى دفع عنه التهمة ورفع عنه المظنّة، وأنطق عذّاله، وأظهر حاله، عما فرق به سرباله «١» فقلن: «حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ» .

قوله جل ذكره: قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ لمّا كانت امرأة العزيز غير تامّة فى محبة يوسف تركت ذنبها عليه وقالت لزوجها:

«ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ» ولم يكن ليوسف عليه السلام ذنب. ثمّ لمّا تناهت فى محبتة أقرّت بالذنب على نفسها فقالت: «الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ... »

فالتناهى فى الحبّ يوجب هتك الستر، وقلة المبالاة بظهور الأمر والسّرّ «٢» ، وقيل:

ليقل من شاء ما ... شاء فإنى لا أبالى

قوله جل ذكره:

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٥٢]]

ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢)

إنما أراد الله أن يظهر براءة ساحة يوسف، لأنه علم أنهم يستحقون العقوبة على ما يبسطون فيه من لسان الملامة وذكر القبيح، ولم يرد يوسف أن يصيبهم بسببه- من قبل الله- عذاب


(١) السربال- القميص.
(٢) من هذه الإشارة نستطيع بطريق غير مباشر أن نعرف موقف القشيري من قضية هامة وهى:
هل يفصح المحب الواله عن حبه المكنون أم يكتم؟ وهل تغتفر له شطحاته فى هذا الموقف أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>