للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراده، ثم يأخذه من حيث لا يرتقب، فيعلوه ندم، ولات حينه، وكيف يستبقى بالحيلة ما حق فى التقدير عدمه؟

قوله جل ذكره:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٤٩]]

قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩)

: أشابهكم فى الصورة ولكنى أباينكم من حيث السريرة، وأنا لمحسنكم بشير، ولمسيئكم نذير، وقد أيّدت بإقامة البراهين ما جئتكم به من وجوه الأمر بالطاعة والإحسان.

قوله جل ذكره:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٥٠]]

فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠)

الناس- فى المغفرة- على أقسام: فمنهم من يستر «١» عليه زلّته، ومنهم من يستر عليه أعماله الصالحة صيانة له عن الملاحظة، ومنهم من يستر حاله لئلا تصيبه من الشهرة فتنة «٢» ، وفى معناه قالوا:

لا تنكرن جحدى هواك فإنما ... ذاك الجحود عليك ستر مسبل

ومنهم من يستره بين أوليائه، لذلك ورد فى الكتب: «أوليائى فى قبائى، لا يشهد أوليائى غيرى» .

«والرزق الكريم» ما يكون من وجه الحلال. ويقال ما يكون من حيث لا يحتسب العبد.

ويقال هو الذي يبدو- من غير ارتقاب- على رفق فى وقت الحاجة إليه.

ويقال هو ما يحمل المرزوق على صرفه فى وجه القربة. ويقال ما فيه البركة.

ويقال الرزق الكريم الذي ينال من غير تعب «٣» ، ولا يتقلد منّه مخلوق.


(١) لأن غفر معناها فى اللغة ستر.
(٢) وهذه إحدى الأفكار التي نشط أصحاب الملامة فى العمل بها، وحثّ أتباعهم عليها. [.....]
(٣) (الذي ينال من غير تعب) هنا معناها من غير استعجال، ومن غير بعد عن التفويض والتوكل، ومن غير اعتماد على مخلوق. ونحو ذلك مما قد يهدم صرح الاستسلام الكامل للرازق الوهاب سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>