للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا معك فإحسانك إلى نفسك فى صورة إساءتك إليها فى ظن الاعتماد، وذلك لارتكابك كل شديدة، ومقاساتك فيه كل عظيمة. والإحسان أيضا ترك جميع حظوظك من غير بقية، والإحسان أيضا تفرغك الى قضاء حق كل أحد علّق عليك حديثه. والإحسان أن تعبده على غير غفلة. والإحسان أن تعبده وأنت بوصف المشاهدة.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٩٦]]

وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٩٦)

إتمام الحج على لسان العلم القيام بأركانه وسننه وهيئته، وإراقة الدماء التي تجب فيها (دون) التقصير فى بعض أحوالها.

وفى التفسير أن تحرم بهما من دويرة أهلك «١» .

وعلى لسان الإشارة الحج هو القصد فقصد إلى بيت الحق وقصد إلى الحق، فالأول حج العوام والثاني حج الخواص.

وكما أن الذي يحج بنفسه يحرم ويقف ثم يطوف بالبيت ويسعى ثم يحلق، فكذلك من يحج بقلبه فإحرامه بعقد صحيح على قصد صريح، ثم يتجرد عن لباس مخالفاته وشهواته، ثم باشتماله بثوبي صبره وفقره، وإمساكه عن متابعة حظوظه من اتباع الهوى، وإطلاق خواطر المنى، وما فى هذا المعنى. ثم الحاج أشعث أغبر تظهر عليه آثار الخشوع والخضوع، ثم تلبية الأسرار باستجابة كل جزء منك.

وأفضل الحج الشجّ والعجّ الشّجّ صبّ الدّم والعجّ رفع الصوت بالتلبية، فكذلك سفك دم النفس بسكاكين الخلاف «٢» ، ورفع أصوات السّر بدوام الاستغاثة، وحسن الاستجابة ثم الوقوف بساحات القربة باستكمال أوصاف الهيبة. وموقف النفوس عرفات وموقف


(١) قال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن على أنه قال فى هذه الآية (وأتموا الحج والعمرة لله) قال أن تحرم من دويرة أهلك، وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وطاوس.
(تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٢٣٠ ط الحلبي) .
(٢) الخلاف هنا معناها (المخالفة) أي مخالفة النفس وأهوائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>