بعونه تعالى انتهى تحقيق كتاب «لطائف الإشارات» للإمام القشيري في غرّة رجب من عام ١٣٩٠ هـ وقد استغرق هذا العمل نحو خمس سنوات كوامل، قطعنا فيها رحلة أضنت الجسم والبصر والفكر، ولكنها أمتعت القلب، وأيقظت الروح، وأنعشت السّرّ.
ولست أحبّ- متأثرا الصوفية- أن أحدّث القارئ عن مقدار ما لقيت من متاعب.. فهذا ضرب من دعوى النفس. وإنما أترك ذلك للقارئ. وقبل كل شىء أضرع إلى الله- وحده- أن يحتسب هذا العمل لى ذخرا عنده، وأن يمحو- إن شاء- من ديوانى بعض خطاياى.
كما أدعو الله أن ينفع به كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بمقدار ما له من قيمة علمية نادرة، وبمقدار ما لصاحبه- رضى الله عنه- من قدر جليل في تراثنا العظيم.
والواقع.. أنّ أعظم ما يفعمنى بالسعادة من دواع هو هذا الاستقبال الذي حظى به الكتاب، فقد وصلتني رسائل عديدة من أقطار شتّى، ومن علماء أجلاء من نواح نائية كلها تحثّ على المسير، وتغذّى العزم، وتلهم الصبر على إتمام هذا العمل الشاق.
ولا أحب أن أختم كلمتى قبل أن أعتذر للقارئ عما قد يكون في الكتاب من قصور أو تقصير، ترجع أسباب بعضه لى، وتقع تبعته عليّ، ويعود بعضه إلى المطبعة- فنحن شريكان فيه كما يرجع الكثير منها إلى النّسّاخ..
ولا عجب في ذلك فالرحلة طويلة، ودروبها متشعبة. ولكننا نعد- إذا شاء الله وظهرت للكتاب طبعات أخرى- أن نتحاشى قدر الوسع كل هذه الوجوه. وأكون