يعنى قول- للفقير المجرد- يرد به من تعرض له بإظهار العذر خير وأتم من صدقة المعجب بفعله، وما يتبع من إلزام المنة فيه.
ويقال إقرار منك مع الله بعجزك وجرمك، وغفران الله لك على تلك القالة- خير من صدقة بالمنّ مشوبة، وبالأذى مصحوبة.
قوله جل ذكره:
[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٤]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٢٦٤)
إنما يحمل جميل المنة من الحق سبحانه، فأمّا من الخلق فليس لأحد على غيره منّة فإنّ تحمل المنن من المخلوقين أعظم محنة، وشهود المنة من الله أعظم نعمة، قال قائلهم:
ليس إجلالك الكبار بذلّ ... إنما الذّلّ أن تجلّ الصّغارا
ويقال أفقر الخلق من ظنّ نفسه موسرا فيبين له إفلاسه، كذلك أقل الخلق قدرا من ظن أنه على شىء فيبدو له من الله ما لم يكن يحتسبه.