للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل عن الكلّ ... إلى أن يلقاه.

ويقال: من الأولياء من لا ينظر إليهن- وإن أبيح له ذلك لتحرّره عن الشهوات، ولعلوّ همته عن المخلوقات «١» - وأنشدوا:

جننّا بليلى وهي جنّت بغيرنا ... وأخرى بنا مجنونة لا نريدها

ويقال: هنّ لمن قصرت يده عن الحرام والشبهة، وطرفه عن الرّيب.

«لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ» : لم يصحبهن غير الوليّ ولم يحزن غيره، وفي الخبر.

اشتاقت الجنة لثلاثة «٢» .

[[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٥٨]]

كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨)

أي: فى صفاء الياقوت ولون المرجان.

قوله جل ذكره:

[[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٦٠]]

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠)

يقال: الإحسان الأول من الله والثاني من العبد أي: هل جزاء من أحسنّا إليه بالنصرة إلّا أن يحسن لنا بالخدمة؟ وهل جزاء من أحسنّا إليه بالولاء إلا أن يحسن لنا بالوفاء؟.

ويصح أن يكون الإحسان الأول من العبد والثاني من الله أي: هل جزاء من أحسن من حيث الطاعة إلا أن يحسن إليه من حيث القبول والثواب؟.

وهل جزاء من أحسن من حيث الخدمة إلا أن يحسن إليه من حيث النعمة؟

ويصح أن يكون الإحسانان من الحقّ أي: هل جزاء من أحسنّا إليه في الابتداء إلا أن نحسن إليه في الانتهاء؟ وهل جزاء من فاتحناه باللّطف إلا أن نربى له في الفضل والعطف؟.


(١) يضاف هذا الكلام إلى رأى القشيري في موضوع «الرخصة» . [.....]
(٢) إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: على وعمار وسلمان.
(الترمذي عن أنس، ورواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبى ربيعة الأيادى. وقد حسّن الترمذي حديثه. قاله الحافظ الهيثمي) وترجح أن الموضع الصحيح للخبر هو بعد النص الشعرى السابق، ونرجح أيضا أن السبب في استشهاد القشيري بهذا الخبر هنا هو إثبات اشتياق الجنة لأهل الخصوص، بينما هؤلاء الزهاد الثلاثة لا أرب لهم في الدارين، لأنهم باقون بربّهم.
م (٣٣) لطائف الإشارات- ج ٣-

<<  <  ج: ص:  >  >>