الفاء للتعقيب، «وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ ... » الواو للعطف ففى الأولى معجّل، وفى الثانية مؤجّل، ثم ما تلك الحياة الطيبة فإنه لا يعرف بالنطق، وإنما يعرف ذلك بالذوق فقوم قالوا إنه حلاوة الطاعة، وقوم قالوا إنه القناعة، وقوم قالوا إنه الرضا، وقوم قالوا إنه النجوى، وقوم قالوا إنه نسيم القرب ... والكل صحيح ولكلّ واحد أهل.
ويقال الحياة الطيبة ما يكون مع المحبوب، وفى معناه قالوا:
نحن فى أكمل السرور ولكن ... ليس إلا بكم يتمّ السرور
عيب ما نحن فيه يا أهل ودّى ... أنكم غيّب ونحن حضور
ويقال الحياة الطيبة للأولياء ألا تكون لهم حاجة ولا سؤال ولا أرب ولا مطالبة وفرق بين من له إرادة فترفع وبين من لا إرادة له فلا يريد شيئا «١» ، الأولون قائمون بشرط العبودية، والآخرون معتقون بشرط الحرية.
قوله جل ذكره:
[[سورة النحل (١٦) : آية ٩٨]]
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨)
شيطان كلّ واحد ما يشغله عن ربه، فمن تسلّطت عليه نفسه حتى شغلته عن ربه ولو بشهود طاعة أو استحلاء عبادة أو ملاحظة حال- فذلك شيطانه. والواجب عليه أن يستعيذ بالله من شرّ نفسه، وشرّ كل ذى شر.
قوله جل ذكره:
[[سورة النحل (١٦) : آية ٩٩]]
إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)
أنّى يكون للشيطان سلطان على العبد والحقّ- سبحانه- متفرّد بالإبداع، متوّحد بالاختراع؟.
قوله جل ذكره:
[[سورة النحل (١٦) : آية ١٠٠]]
إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠) .
(١) فى هذا الصدد يقول القشيري فى رسالته: «والمريد- على موجب الاشتقاق- من له إرادة كالعالم من له علم لأنه من الأسماء المشتقة، ولكن المريد فى عرف هذه الطائفة من لا إرادة له فمن يتجرد عن إرادته لا يكون مريدا. (الرسالة ص ١٠١) .