للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من إظهار بريّته فعلوّه على العرش بقهره وقدرته، واستواؤه بفعل خص به العرش بتسوية أجزائه وصورته «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٦٠]]

وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠)

أقبل الحقّ- سبحانه- بلطفه وبفضله على أقوام فلذلك وجدوه، وأعرض عن آخرين بتكبره وتعزّزه فلذلك جحدوه فطرهم على سمة البعد، وعجن طينتهم بماء الشقاوة والصدّ، فلما أظهرهم ألبسهم صدار الجهل والجحد.

قوله جل ذكره:

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٦١]]

تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١)

زيّن السماء الدنيا بمصابيح، وخلق فيها البروج، وبثّ فيها الكواكب، وصان عن الفطور والتشويش أقطارها ومناكبها، وأدار بقدرته أفلاكها، وأدام على ما أراد إمساكها.

وكما أثبت فى السماء بروجا (أثبت فى سماء قلوب أوليائه وأصفيائه بروجا) «٢» فبروج السماء معدودة وبروج القلب مشهودة.

وبروج السماء (بيوت) «٣» شمسها وقمرها ونجومها، وبروج القلوب مطالع أنوارها ومشارق شموسها ونجومها. وتلك النجوم التي هى نجوم القلوب كالعقل، والفهم والبصيرة والعلم، وقمر القلوب المعرفة.


(١) كانت هذه الآية وأمثالها فرصة لآراء كلامية خطيرة سواء من ناحية استواء الله- سبحانه- على العرش ومسألة تنزههه عن المكانية، أو من ناحية خلق الله ما بين السماوات والأرض وهل المقصود بذلك خلق أفعال الإنسان. وقد ناقش الباقلاني فى كتابه (التمهيد فى أصول الدين) كلا الأمرين، والواقع أن القشيري- تلميذ الباقلاني- متأثر بآراء أستاذه إلى حد كبير، وإن كان الباقلاني أقل تأويلا للصفات الخبرية منه.
(٢) غير موجودة فى ص وموجودة فى م.
(٣) فى ص (ثبوت) وفى م (بيوت) وقد رجحنا هذه لأن البرج (بيت يبنى على سور المدينة وفي أعلاها) كما جاء فى المعاجم.

<<  <  ج: ص:  >  >>