للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال فى قوله «عَلِيمٌ» تسلية لأرباب البلاء لأنّ من علم أنّ مقصودة يعلم حاله سهل عليه ما يقاسيه فيه، قال- سبحانه- لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ» «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنفال (٨) : آية ١٨]]

ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨)

موهن كيدهم: بتقوية قلوب المؤمنين بنور اليقين، والثبات على انتظار الفضل من قبل الله، وموهن كيدهم: بأن يأخذ الكافرين من حيث لا يشعرون، ويظفر جند المسلمين عليهم.

قوله جلّ ذكره:

[[سورة الأنفال (٨) : آية ١٩]]

إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)

قال المشركون- يوم بدر- اللهم انصر أحبّ الفئتين إليك، فاستجاب دعاءهم ونصر أحبّ الفئتين إليه. وهم المسلمون، فسألوا بألسنتهم هلاك أنفسهم، وذلك لانجرارهم فى مغاليط ما يعلّقون من ظنونهم، فهم توهّموا استحقاق القربة، وكانوا فى عين الفرقة وحكم الشّقوة، موسومين باستيجاب اللعنة بدعائهم، والوقوع فى شقائهم فباختيارهم منوا ببوارهم.

ويقال ظنوا أنهم من أهل الرحمة فزلّوا، فلما كشف الستر خابوا وذلّوا، فعند ذلك علموا أنهم زاغوا فى ظنهم وضلوا.

قوله جل ذكره: وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ «٢» .

فيغفر لكم ما قد سلف من خلاف محمد صلّى الله عليه وسلّم.

«فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» ليس المراد منه المبالغة لأنه يقال هذا خير لك من هذا إذا كان الثاني ليس فيه شر، وترك موافقتهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم- بكل وجه- هو شرّ لهم، ولكنه أراد به فى الأحوال الدنيوية، وعلى موجب ظنّهم.


(١) آية ٩٧ سورة الحجر.
(٢) أخطا الناسخ فى كتابة الآية إذ جاءت هكذا و «إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ» . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>