للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الرجل لصاحبه: «أنا أحتمل من (....) «١» خدمتك حرمة لك ما لا أحتمله من ولدي» ، فإذا كان مثل هذا معهودا بين الخلق فالعبد بمراعاة هذا الأدب- بينه وبين مولاه- أولى.

ويقال لا يحب الله الجهر بالسوء من القول من العوام، ولا يحب ذلك بخطوره «٢» من الخواص.

ويقال الجهر بالسوء من القول من العوام أن يقول فى صفة الله ما لم يرد به الإذن والتوفيق.

والجهر بالسوء من القول فى صفة الخلق أن تقول ما ورد الشرع بالمنع منه، وتقول فى صفة الحق ما لا يتصف به فإنك تكون فيه كاذبا، وفى صفة الخلق عن الخواص ما اتصفوا به من النقصان- وإن كنت فيه صادقا.

قوله «وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً» : سميعا لأقوالكم، عليما بعيوبكم، يعنى لا تقولوا للأغيار ما تعلمون أنكم بمثابتهم.

ويقال سميعا لأقوالكم عليما ببراءة ساحة من تقوّلتم عليه، فيكون فيه تهديد للقائل- لبرىء الساحة- بما يتقوّل عليه.

ويقال سميعا: أيها الظالم، عليما: أيها المظلوم تهديد لهؤلاء وتبشير لهؤلاء.

قوله جل ذكره:

[[سورة النساء (٤) : آية ١٤٩]]

إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (١٤٩)

«إِنْ تُبْدُوا خَيْراً» تخلقا بآداب الشريعة، وتخفوه تحققا بأحكام الحقيقة.

«أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ» أخذا من الله ما ندبكم إليه من محاسن الخلق.

«فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا» لعيوبكم «قَدِيراً» على تحصيل محبوبكم وتحقيق مطلوبكم.

ويقال إن تبدوا خيرا لتكونوا للناس قدوة فيما تسنّون وما تعينون غيركم على ما يهدون به من سلوك سنّتكم، وإن تخفوه اكتفاء بعلمه، وصيانة لنفوسكم عن آفات التصنّع، وثقة


(١) مشتبهة.
(٢) أي (بأن يخطر عليهم خاطر) فعقوبة العوام على النطق والقول وعقوبة الخواص على (الخاطر)

<<  <  ج: ص:  >  >>