لامهم على خصلتهم الشنعاء، وما كانوا يتعاطونه على الله من الاجتراء، وما يضيّعونه من المعروف ويأتون من المنكر الذي جملته تخليته الفسّاق مع فسقهم، وترك القبض على أيديهم، وقلة الاحتشام من اطّلاع الناس على قبائح أعمالهم. ومن ذلك قلة احترام الشيوخ والأكابر، ومنها التسويف في التوبة، ومنها التفاخر بالزلّة.
فما كان جوابهم إلا استعجال العقوبة، فحلّ بهم من ذلك ما أهلكهم وأهلك من شاركهم.
التبس على إبراهيم أمرهم فظنّهم أضيافا فتكلّف لهم تقديم العجل الحنيذ جريا على سنّته فى إكرام الضيف. فلما أخبروه مقصودهم من إهلاك قوم لوط تكلّم في باب لوط ... إلى أن قالوا: إنّا منجّوه. وكان ذلك دليلا على أن الله تعالى لو أراد إهلاك لوط- وإن كان بريئا- لم يكن ظلما إذ لو كان قبيحا لما كان إبراهيم عليه السلام- مع وفرة علمه- يشكل عليه حتى كان يجادل عنه. بل لله أن يعذّب من يعذّب، ويعافى من يعافى «١» .
لمّا أن رآهم لوط ضاق بهم قلبه لأنه لم يعلم أنهم ملائكة، فخاف عليهم من فساد قومه فكان ضيق قلبه لأجل الله- سبحانه، فأخبروه بأنهم ملائكة، وأنّ قومه لن يصلوا إليهم، فعند ذلك سكن قلبه، وزال ضيق صدره.