التأنّى والثبات والسكون. وإذا بدا من التقدير حكم فلا استعجال لهم لما يرد عليهم، بل يتقبلون مفاجأة التقدير بوجه ضاحك، ويستقبلون ما يبدو من الغيب من الردّ والقبول، والمنع والفتوح بوصف الرضاء، ويحمدون الحق- سبحانه وتعالى- على ذلك.
«سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» : تعالى عما يشركون بربهم، والكفار لم ييسر لهم حتى أنّه لا سكن لقلوبهم من حديثه.
قوله جل ذكره:
[[سورة النحل (١٦) : آية ٢]]
يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)
ينزل الملائكة على الأنبياء- عليهم السلام- بالوحى والرسالة، وبالتعريف والإلهام على أسرار أرباب التوحيد وهم المحدّثون. وإنزال الملائكة على قلوبهم غير مردود لكنهم لا يؤمرون أن يتكلموا بذلك، ولا يحملون رسالة إلى الخلق.
ويراد بالروح الوحى والقرآن، وفى الجملة الروح ما هو سبب الحياة إمّا حياة القلب أو حياة الدنيا.
قوله جل ذكره:
[[سورة النحل (١٦) : آية ٣]]
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣)
خلقها بالحق، ويحكم فيها بالحق، فهو محقّ فى خلقها لأنّ له ذلك، ويدخل فى ذلك أمره بتكليف الخلق، وما يعقب ذلك التكليف من الحشر والنّشر، والثواب والعقاب.
«تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» : تقديسا وتشريفا له عن أن يكون له شريك أو معهم ليك قوله جل ذكره:
[[سورة النحل (١٦) : آية ٤]]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤)
تعرّف إلى العقلاء بكمال قدرته حيث أخبر أنه قدر على تصوير الإنسان على ما فيه من التركيب العجيب، والتأليف اللطيف من نطفة متماثلة الأجزاء، متشاكلة فى وقت الإنشاء، مختلفة الأعضاء وقت الإظهار والإبداء، والخروج من الخفاء. ثم ما ركّب فيه من تمييز وعقل،