والحزن من حزونة الوقت، ومن كان راضيا بما يجرى فلا حزن له في عيشه. والملائكة يبشرونهم بأنهم لا حزونة في أحوالهم، وإنما هم في الرّوح والراحة.
«وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ» : أي بحسن المآب، وبما وعد الله من جميل الثواب.
والذي هو موعود للأولياء بسفارة الملك موجود اليوم لخواص عباده بعطاء الملك فلا يكون لأحدهم مطالعة في المستقبل من حاله بل يكون بحكم الوقت فلا يكون له خوف لأن الخوف- كما قلنا من قبل- ينشأ من تطلع إلى المستقبل إمّا من زوال محبوب أو حصول مكروه، وإن الذي بصفة الرضا «١»
لا حزونة في حاله ووقته.
ويمكن القول:«أَلَّا تَخافُوا» من العذاب، «وَلا تَحْزَنُوا» على ما خلفتم من الأسباب، «وَأَبْشِرُوا» بحسن الثواب في المآب.
ويقال:«أَلَّا تَخافُوا» من عزل الولاية، «وَلا تَحْزَنُوا» على ما أسفلتم من الجناية، «وَأَبْشِرُوا» بحسن العناية في البداية.
ويقال:«أَلَّا تَخافُوا» مما أسلفتم، «وَلا تَحْزَنُوا» على ما خلّفتم، «وَأَبْشِرُوا» بالجنة التي لها تكلفتم.
ويقال:«أَلَّا تَخافُوا» المذلّة، «وَلا تَحْزَنُوا» على ما أسلفتم من الزلّة، «وَأَبْشِرُوا» بدوام الوصلة.