وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: أما ترضون أن يرجع الناس بالغنى وأنتم ترجعون بالنبي إلى أهليكم؟
«لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا..» : لو كانت المقادير متساوية لتعطلّت المعايش، ولبقى كلّ عند حاله فجعل بعضهم مخصوصين بالرّفه والمال، وآخرين مخصوصين بالفقر ورقة الحال.. حتى احتاج الفقير في جبر حاجته إلى أن يعمل للغنيّ كى يرتفق من جهته بأجرته فيصلح بذلك أمر الغنيّ والفقير جميعا.
قوله جل ذكره:
[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٣٣]]
وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣)
معنى الآية أنه ليس للدنيا عندنا خطر فالذى يبقى عنّا لو صببنا عليه الدنيا بحذافيرها لم يكن ذلك جبرانا لمصيبته. ولولا فتنة قلوب المؤمنين لجعلنا لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج من فضة، وكذلك ما يكون شبيها بهذا.
ولو فعلنا.. لم يكن لما أعطيناه خطر لأنّ الدنيا بأسرها ليس لها عندنا خطر.
قوله جل ذكره:
[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٣٦]]
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦)
من لم يعرف قدر الخلوة مع الله فحاد عن ذكره، وأخلد إلى الخواطر الرديّة قيّض الله له من يشغله عن الله- وهذا جزاء من ترك الأدب في الخلوة. وإذا اشتغل العبد في خلوته بربّه.. فلو تعرّض له من يشغله عن ربه صرفه الحق عنه بأى وجه كان، وصرف دواعيه عن مفاتحته بما يشغله عن الله.
ويقال: أصعب الشياطين نفسك والعبد إذا لم يعرف خطر فراغ قلبه، واتّبع شهوته، وفتح ذلك الباب على نفسه بقي في يد هواه أسيرا لا يكاد يتخلّص عنه إلا بعد مدّة.
قوله جل ذكره:
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٣٧ الى ٣٩]
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩)