للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره:

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٦]]

وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦)

رسولا منّا، مأمورا بالإنذار والتبشير، واقفا حيث وقفناك على نعت التبليغ، غير طالب منهم أجرا، وغير طامع فى أن تجد منهم حظّا.

قوله جل ذكره:

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٧]]

قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧)

«إِلَّا» أداة استثناء منقطع إذ ابتغاؤهم السبيل إلى ربّهم ليس بأجر يأخذه منهم، فهو لمن أقبل بشير، ولمن أعرض نذير.

قوله جل ذكره:

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٨]]

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨)

التوكل تفويض الأمور إلى الله. وحقّه وأصله علم العبد بأنّ الحادثات كلّها حاصلة من الله تعالى، وأنه لا يقدر أحد على الإيجاد غيره.

فإذا عرف هذا فهو فيما يحتاج إليه- إذا علم أن مراده لا يرتفع إلا من قبل الله- حصل له أصل التوكل. وهذا القدر فرض، وهو من شرائط الايمان، فإن الله تعالى يقول:

«وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» »

وما زاد على هذا القدر- وهو سكون القلب وزوال الانزعاج والاضطرار- فهى أحوال تلحق بالتوكل على وجه كماله.

فإن تقرّر هذا فالناس فى الاكتفاء والسكون على أقسام، ولكلّ درجة من هذه الأقسام اسم: إمّا من حيث الاشتقاق، أو من حيث الاصطلاح.

فأول رتبة فيه أن يكتفى بما فى يده، ولا يطلب زيادة عليه، ويستريح قلبه من طلب الزيادة.. وتسمى هذه الحالة القناعة، وفيها يقف صاحيها حيث وقف، ويقنع بالحاصل له


(١) آية ٢٣ سورة المائدة.
والمطلوب منا أن نلاحظ دائما ظاهرة هامة نبهنا إليها في مدخل هذا الكتاب، وهى أن القشيري يحاول أولا استمداد المصطلح الصوفي من كتاب الله، (فالتوكل) الذي هو ركن هام من أركان الطريق الصوفي له أصل فى القرآن. ثم تأتى من بعد ذلك مرحلة البحث فى تطور هذا الأصل ونموه في بينة المتصوفة. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>