للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وا خجلتي من وقوفي وسط دارهم! وقال لى مغضبا: من أنت يا رجل؟

وقوله جل ذكره: قَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً

جئتمونا بلا شفيع ولا ناصر، ولا معين ولا مظاهر.

قوم يقال لهم: سلام عليكم ... كيف أنتم؟ وكيف وجدتم مقيلكم؟ وكم إلى لقائنا اشتقتم! وقوم يقال لهم: ما صنعتم، وما ضيّعتم؟ ما قدّمتم، وما أخرتم؟ ما أعلنتم، وما أسررتم؟

قل لى بألسنة التنفّس «١» ... كيف أنت وكيف حالك؟

ويقال يجيب بعضهم عند السؤال فيفصحون عن مكنون قلوبهم، ويشرحون ما هم به من أحوال مع محبوبهم وآخرون تملكهم الحيرة وتسكتهم الدهشة، فلا لهم بيان، ولا ينطق عنهم لسان. وآخرون كما قيل:

قالت سكينة من هذا فقلت لها: ... أنا الذي أنت من أعدائه زعموا

قوله جل ذكره:

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٤٩]]

وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩)

إنما يصيبهم ما كتب فى الكتاب الأول وهو المحفوظ، لا ما فى الكتاب الذي هو كتاب أعمالهم نسخه ما فى اللوح المحفوظ.

ويقال إن عامل عبدا بما فى الكتاب الذي أثبته الملك عليه فكثير من عباده يعاملهم بما فى كتاب الملك- سبحانه، وفرق بين من يعامل بما فى كتاب الحقّ من الرحمة «٢» والشفقة وبين من يحاسبه بما كتب عليه الملك من الزّلة «٣»


(١) التنفس: الاستراحة من الكد والتعب
(٢) يشير بذلك إلى قوله تعالى «كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» (آية ١٢ سورة الأنعام) وإلى قوله تعالى:
«فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» (آية ٥٤ سورة الأنعام) .
(٣) يشير بذلك إلى قوله تعالى: «بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ» (آية ٨٠ سورة الزخرف) .

<<  <  ج: ص:  >  >>