استغفروا ربكم ثم توبوا إليه بعد الاستغفار، من توهمكم أن نجاتكم باستغفاركم.
بل تحقّقوا بأنكم لا تجدون نجاتكم إلا بفضل ربّكم فبفضله وبتوفيقه توصّلتم إلى استغفاركم لا باستغفاركم، وصلتم إلى نجاتكم، وبرحمته أهلكم إلى استغفاركم، وإلّا لما وصلتم إلى توبتكم ولا إلى استغفاركم.
والاستغفار قرع باب الرزق، فإذا رجع العبد إلى الله بحسن تضرعه، فتح عليه أبواب رحمته، ويسّر له أسباب نعمته.
ويقال ينزّل على ظواهركم أمطار النّعمة، وعلى ضمائركم وسرائركم ينزّل أنواع المنّة، ويزيدكم قوة على قوة قوة تحصلون بها توسعة أنواع الرزق، وقوة تحصلون بها تحسبن أصناف الخلق.
قوله جل ذكره:
[[سورة هود (١١) : آية ٥٣]]
قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣)
ما زادهم هود عليه السلام بسطا فى الآية وإيضاحا فى المعجزة إلا زادهم الله تعالى عمى على عمى، ولم يرزقهم بصيرة ولا هدى، ولم يزيدوا فى خطابهم إلا بما دلّوا على فرط جهالتهم، وشدة ضلالتهم بعد إطنابهم وانتهابهم «١» ، وقالوا:
[[سورة هود (١١) : آية ٥٤]]
إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤)
وكيف ظنّوا أنّ آلهتهم تمسّ أعداءهم بسوء وهى لا تضرّ أعداءها ولا تنفع أولياءها؟
فهؤلاء الغواية عليهم مستولية. ثم إن هودا عليه السلام أفصح عن فضل ربّه عليه وصرّح بإخلاصه وحسن يقينه فقال: إنى برىء مما تشركون، ثم قال:
[[سورة هود (١١) : آية ٥٥]]
مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) .
(١) يقال نهب فلانا أي تناوله بلسانه وأغلظ له القول.