للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلّ صامت ناطق يصمت عن الكلام والقول وينطق بالبرهان في الحكم «١» .

فمن استمع بسمع الفهم، واستبصر بنور التوحيد فاز بذخر الدارين، وتصدّى لعزّ المنزلين. ومن تصامم بحكم الغفلة وقع في وهدة الجهل، ووسم بكيّ الهجر.

قوله جل ذكره:

[[سورة الجاثية (٤٥) : آية ٩]]

وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩)

قابله بالعناد، وتأوّله على ما يقع له من وجوه المراد من دون تصحيح بإسناد ...

فهؤلاء «لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» : مذلّ.

وقد يكاشف العبد من بواطن القلب بتعريفات لا يتداخله فيها ريب، ولا يتخالجه منها شكّ فيما هو به من حاله ... فإذا استهان بها وقع في ذلّ الحجبة وهوان الفرقة «٢» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الجاثية (٤٥) : آية ١٠]]

مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠)

فعند هذه الفترة، وفي وقت هذه المحنة فلا عذر يقبل منهم، ولا خطاب يسمع عنهم، ولهم عذاب متصل، ولا يردّون إلى ما كانوا عليه من الكشف:

فخلّ سبيل العين بعدك للبكا ... فليس لأيام الصفاء رجوع

قوله جل ذكره:

[[سورة الجاثية (٤٥) : آية ١٢]]

اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢)

عند ما يركبون البحر فلربما تسلم السفينة ولربما تغرق.


(١) يشير القشيري بذلك إلى أن كل شىء ناطق بالوحدانية ... إما نطق قالة- كما في حال الإنسان، وإما نطق دلالة- كما في حال الجمادات.
(٢) يشير القشيري بذلك إلى العلوم الوهبية، وضرورة اعتبارها رافدا هاما من روافد الإيمان الكشفى والتوحيد الشهودى. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>