أفصح يوسف عليه السلام بجرمها إذ ليس للفاسق حرمة يجب حفظها، فلم يبال أن هتك سترها فقال. «هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي» فلمّا كان يوسف صادقا فى قوله، ولم يكن له شاهد أنطق الله الصبيّ الصغير الذي لم يبلغ أوان النطق «١» . ولهذا قيل إذا كان العبد صادقا فى نفسه لم يبال الله أن ينطق الحجر لأجله.
قوله: فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ لما اتضح الأمر واستبان الحال وظهرت براءة ساحة يوسف عليه السلام قال العزيز: «إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ» : دلّت الآية على أنّ الزنا كان محرّما فى شرعهم.
لم يرد أن يهتك ستر امرأته فقال ليوسف: أعرض عن هذا الحديث، ثم قال لها:
«وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ» : دلّ على أنه لم يكن فى شرعهم على الزنا حدّ- وإن كان محرّما حيث عدّه ذنبا.
ويقال ليس كلّ أحد أهلا للبلاء لأن البلاء من صفة أرباب الولاء، فأمّا الأجانب فيتجاوز عنهم ويخلى سبيلهم- لا لكرامة محلّهم- ولكن لحقارة قدرهم، فهذا يوسف عليه السلام كان بريء السّاحة، وظهرت للكلّ سلامة جانبه وابتلى بالسجن. وامرأة العزيز فى سوء فعلها حيث قال:«إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ» ، وقال لها:«وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ» ..