للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع «١» من الأهوال، ولا أنتم تحزنون فيما قصّرتم من الأعمال ...

أمّا الذنوب.. فقد غفرناها، وأمّا الأهوال ... فكفيناها، وأمّا المظالم.. فقضيناها.

فإذا قال المنادى: هذا الخطاب يطمع الكلّ قالوا: نحن عباده، فإذا قال:

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٦٩]]

الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩)

أيس الكفار، وقوى رجاء المسلمين «٢» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٧٠]]

ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠)

«٣» فى رياض الجنة، وترتعون.

ويقال: «تُحْبَرُونَ» من لذة السماع.

قوله جل ذكره:

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٧١]]

يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١)

العبّاد لهم فيها ما تشتهى أنفسهم لأنهم قاسوا في الدنيا- بحكم المجاهدات- الجوع والعطش، وتحمّلوا وجوه المشاقّ، فيجازون في الجنة بوجوه من الثواب.

وأمّا أهل المعرفة والمحبّون فلهم ما يلذ أعينهم من النظر إلى الله «٤» لطول ما قاسوه من فرط الاشتياق بقلوبهم وما عالجوه من الاحتراق لشدة غليلهم.


(١) يفسر النسفي أهل الجمع بأنهم أهل مكة (آية ٤٥ سورة القمر) .
(٢) قريب مما ذكره القشيري ما أورده الحارث المحاسبى في رعابته: (ينادى المنادى يوم القيامة «يا عبادى لا خوف عليكم اليوم ... » فيرفع الخلائق وموسهم، ويقولون: نحن عباد الله. ثم ينادى الثانية: «الذين آمنوا ... »
ثم ينادى الثالثة: «الذين آمنوا وكانوا يتقون» فينكس أهل الكبائر رءوسهم، ويبقى أهل التقوى رافعى رءوسهم، قد أزال عنهم الخوف والحزن كما وعدهم) .
(٣) تحبرون أي تسرون سرورا يظهر حباره (أثره) على وجوهكم.
(٤) الجنة الحقيقية عند أرباب الأحوال رؤية الله، ورد في الخبر: أسألك لذة النظر إلى وجهك.»

<<  <  ج: ص:  >  >>