الهواء وقد رمى من المنجنيق فعرض عليه نفسه قائلا: هل من حاجة؟
فأجاب: أمّا إليك.. فلا! قوله جل ذكره:
[[سورة الصافات (٣٧) : آية ٩٩]]
وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩)
يقال إنه طلب هداية مخصوصة لأنه كان صاحب هداية، إذ لو لم تكن له هداية لما ذهب إلى ربّه. ويحتمل أنه كان صاحب هداية في الحال وطلب الهداية في الاستقبال أي زيادة في الهداية، ويقال طلب الهداية على كيفية مراعاة الأدب في الحضور، ويقال طلب الهداية إلى نفسه لأنه فقد فيه قلبه ونفسه فقال سيهدينى إلىّ لأقوم بحقّ عبوديته فإن المستهلك في حقائق الجمع لا يصحّ منه أداء العبادة إلّا بأن يردّ إلى حالة التفرقة والتمييز.
ومعنى «إِلى رَبِّي» أي إلى المكان الذي يعبد فيه ربى.
ويقال أخبر عن إبراهيم أنه قال:«إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي» : فأخبر عن قوله.
وأخبر عن موسى فقال:«وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا» ، فأخبر عن صفته لا عن قوله..
وقال في صفة نبينا صلى الله عليه وسلّم:«سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ ... »
[فأخبر عن ذاته سبحانه «١» ] وفصل بين هذه المقامات فإبراهيم كان بعين الفرق، وموسى بعين الجمع ونبينا كان بعين جمع الجمع.