الذين حادوا عن طريقهم، وضيّعوا حقّ الشرع، وتخطوا واجب الأمر، وزاغوا عن طريق الرشد، وأخلوا بآداب الشرع، وانخرطوا فى سلك متابعة الشهوات- سيلقون عن قريب ما يستوجبونه، ويعاملون بما يستحقونه.
فأولئك الذين تداركتهم الرحمة الأزلية، وسيبقون فى النعم السرمدية. يستنجز الحقّ لهم عداتهم، ويوصّلهم إلى درجاتهم، ويحقّق لهم ما وعدهم.
«إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا» : لأن ما أتيته فقد أتاك أو ما أتاك فقد أتيته «١» .
«لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً» : فإن أسماعهم مصونة عن سماع الأغيار، لا يسمعون إلا من الله وبالله، فإن لم يكن ذلك فلا يسمعون إلا الله.
قوله جل ذكره: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا كانوا يعدّون من عنده طعام البكرة والعشية من جملة المياسير والأغنياء لكونهم فقراء إن وجدوا غداءهم ففى الغالب يعدمون عشاءهم، وإن وجدوا عشاءهم فقلّما كانوا يجدون غداءهم. ويقال فى «لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ» فيها: بمقدار الغدو والعشى من الزمان فى الجنة أي كالوقت. ثم إن الأرزاق تختلف فى الجنة فللأشباح رزق من مطعوم ومشروب، وللأرواح رزق من سماع وشهود، ولكل- على قدر استحقاقه- قسط معلوم.