للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الحديد]

قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» .

سماع بسم الله الرّحمن الرّحيم شراب يسقى به الحقّ- سبحانه وتعالى- قلوب أحبّائه، فإذا شربوا طربوا، وإذا طربوا انبسطوا «١» ، ثم لشهود حقّه «٢» تعرّضوا، وبنسيم قربه استأنسوا «٣» ، وعند الإحساس بهم غابوا.. فعقولهم تستغرق «٤» فى لطفه، وقلوبهم تستهلك فى كشفه.

قوله جل ذكره:

[[سورة الحديد (٥٧) : آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)

التسبيح التقديس والتنزيه، ويكون بمعنى سباحة الأسرار في بحار الإجلال، فيظفرون بجواهر التوحيد وينظمونها في عقود الإيمان، ويرصّعونها في أطواق الوصلة:

وقوله «ما» فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ المراد به «من» فى السماوات والأرض، يسجدون لله طوعا وكرها طوعا تسبيح طاعة وعبادة، وكرها تسبيح علامة ودلالة.

وتحمل «ما» على ظاهرها فيكون المعنى: ما من مخلوق من عين أو أثر إلا ويدلّ على الصانع، وعلى إثبات جلاله، وعلى استحقاقه لنعوت كبريائه.


(١) انبسطوا أي: ذاقوا حال البسط. ويصل العارف إلى القبض والبسط بعد حال الرجاء والخوف. والمبسوط قد يكون فيه بسط يسع الخلق فلا يستوحش من أكثر الأشياء، ويكون مبسوطا لا يؤثر فيه شىء بحال من الأحوال (الرسالة ص ٣٥) .
(٢) شهود حق الله لا يتم إلا بعد اختفاء حظوظ العبد.
(٣) من الأنس. سئل الجنيد عنه فقال: هو ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة. وسئل ذو النون عنه فقال:
هو انبساط المحب إلى المحبوب.
وسئل الشبلي عنه فقال: هو حشتك منه (التعرف للكلاباذى ص ١٢٦، ١٢٧) .
(٤) ضبطناها هكذا مبنية للمجهول لأن المفروض أن شمس الحقيقة يستغرق نورها نجوم العقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>