للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذت في المشاورة كما تقتضيه الحال في الأمور العظام فإن الملك «١» لا ينبغى أن يكون مستبدا برأيه، ويجب أن يكون له قوم من أهل الرأى والبصيرة.

قوله جل ذكره:

[[سورة النمل (٢٧) : آية ٣٣]]

قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ماذا تَأْمُرِينَ (٣٣)

أجابوا على شرط الأدب، وقالوا: ليس منا إلّا بذل الوسع، وليس لنا إلّا إظهار النّصح، وما علينا إلا متابعة الأمر- وتمشية الأمر وإمضاؤه.. إليك.

قوله جل ذكره:

[[سورة النمل (٢٧) : آية ٣٤]]

قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤)

ويقال إنّ: «وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ» من قولها.

ويقال: تغيير الملوك «٢» إذا دخلوا قرية- عن صفتها- معلوم، ثم ينظر.. فإن كان الداخل عادلا أزال سنّة الجور، وأثبت سنّة العدل، وإن كان الداخل جائرا أزال الحسن وأثبت الباطل. هذا معلوم فإنّ خراب البلاد بولاة السّوء، حيث يستولى أسافل الناس وأسقاطهم على الأعزة منهم، وكما قيل:

يا دولة ليس فيها ... من المعالي شظيه

زولى فما أنت إلّا ... على الكرام بليه

وعمارة الدنيا بولاة الرّشد، يكسرون رقاب الغاغة، ويخلّصون الكرام من أسر السّفلة، (ويأخذ القوس باريها) «٣» ، وتطلع شمس العدل من برج شرفها.. كذلك المعرفة


(١) نعلم من سيرة القشيري أنه كانت بينه وبين أصحاب السلطة في موطنه خلافات في الرأى، فهو هنا يغمز بما ينبغى أن يكون عليه صاحب السلطان من آداب، سواء في اختيار أعوانه، أو في قبول النصح والشورى.
(٢) كأنما القشيري ينفس عن نفسه مما قاساه في عهد السلطان طغرل ووزيره الكندري وكأنما يمجد ما ناله من الخير في عهد السلطان ألب أرسلان. ووزيره العظيم نظام الملك (انظر مدخل هذا الكتاب: المجلد الأول)
(٣) هكذا في م وهي في ص (فتأخذ النفوس بأزمتها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>