أجرى الله- سبحانه- سنّته ألا يخص بأفضاله، وجميل صنعه وإقباله- فى الغالب من عباده- إلّا من يسمو إليه طرفه بالإجلال، وألّا يوضح له قدره بين الأضراب والأشكال فأنصار كلّ نبى إنما هم ضعفاء وقته، ويلاحظهم أهل الغفلة بعين الاحتقار، ولكن ليس الأمر كما تذهب إليه الأوهام، ولا كما يعتقد فيهم الأنام، بل الجواهر مستورة فى معادتها، وقيمة المحالّ بساكنيها، قال قائلهم:
وما ضرّ نصل السيف إخلاق غمده ... إذا كان عضبا حيث وجهته وترا
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«كم من أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه»«١» قوله تعالى: «وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ» الحيلة تدعو إلى وفاق الهوى فتستثقل النّفس قول الناصحين، فيخرجون عليهم وكأن الناصحين هم العائبون، قال قائلهم:
وكم سقت فى آثاركم من نصيحة ... وقد يستفيد البغضة المتنصح