العوام طولبوا بترك الشرك الجلىّ، والخواص طولبوا بترك الشرك الخفىّ، فمن توسّل إليه بعمله ويظنه منه، أو توهّم أن أحكامه- سبحانه- معلولة بحركاته وسكناته، أو راعى خلقا أو لاحظ نفسا فوطنه الشرك عند أهل الحقائق «١» .
والله لا يغفر أن يشرك به وكذلك من توّهم أن مخالفته حصلت من غير تقديره فهو ملتحق بهم.
من ركن إلى تزكية الناس له، واستحلى قبول الخواص له- فضلا عن العوام- فهو من زكّى نفسه، ورؤية النّفس أعظم حجاب، ومن توّهم أنه بتكلّفه يزكّى نفسه: بأوراده أو اجتهاده، بحركاته أو سكناته- فهو فى غطاء جهله.
قوله: انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ ... الآية: الإشارة إلى من أطلق لسان الدعوى من غير تحقيق، والمفترى- فى قالته فى هذا الأمر- لا ينطق بشىء إلا أجبّته الآذان وانزجرت له القلوب، فإذا سكت عاد إلى قلب خراب.
(١) يقول زكريا الأنصاري شارح الرسالة: (من كانت أفعاله لله تعالى وشاهدها طاعة له تعالى فهو فى التفرقة ومن شاهدها جارية عليه فضلا من الله فقد شاهدها بالله فهو فى الجمع (هامش ٣٩) .