للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشاهدات بالالتفات إلى القربات وهى أسرار الموحدين «١» .

قوله جلّ ذكره: لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ.

لأهل الإشارة خزى الدنيا بذل الحجاب، وعذاب الآخرة الامتناع بالدرجات.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ١١٥]]

وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)

الإشارة منها إلى مشارق القلوب ومغاربها. وللقلوب شوارق وطوارق. وطوارقها هواجس النفوس تطرق فى ظلمات المنى والشهوات.

وشوارقها نجوم العلوم وأقمار الحضور وشموس المعارف.

فما دامت الشوارق طالعة فقبلة القلوب، واضحة ظاهرة، فإذا استولت «٢» الحقائق خفى سلطان الشوارق، كالنجوم تستتر عند طلوع الشمس، كذلك عند ظهور الحق يحصل اصطلام وقهر، فلا شهود رسم، ولا بقاء حسّ وفهم، ولا سلطان عقل وعلم، ولا ضياء عرفان.

فإن وجدان «٣» هذه الجملة صفات لائقة ببقاء البشرية، وإذا صار الموصوف محوا فأنّى لهم ببقاء الصفة! قال تعالى: «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ» مادام يبقى من الإحساس والتمييز بقية- ولو شظية- فالقبلة مقصودة، فإن لم تكن معلومة تكون مطلوبة. وعلى لسان العلم إذا اشتبهت الدلائل بكلّ وجهة، ولا معرفة بالقبلة تساوت الجهات فى جواز الصلاة إلى كل واحد منها إذا لم يكن للنية ترجيح.


(١) نعرف من مذهب القشيري أن الأسرار (للموحدين) ولذا نرجح أن الناسخ أخطأ حينما كتبها (الواجدين) وقد أثبتناها هنا على هذا الترجيح.
(٢) وردت (سولت) وهى خطأ فى النسخ.
(٣) وجدان، ووجود مصدران لوجد، غير أن القشيري يؤثر استعمال لفظة (الوجود) بمعناها الاصطلاحي الدقيق فى موضعها للائم (التواجد بداية والوجد واسطة والوجود نهاية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>