من الحشر والنشر حقّا لم تتقاصر رتبتنا عند الله عن رتبة أحد، ولتقدّمنا- فى الاستحقاق- على الكلّ. ولمّا لم يجدوا لهذا القول دليلا صرّحوا:
«فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ» .
ولقد بعث الله أنبياءه- عليهم السلام- وأنزل عليهم الكتب، وبيّن في كلّ كتاب، وعلى لسان كلّ رسول بأنه يبعث محمدا رسولا، ولكن القوم الذين في عصر نبيّنا- صلى الله عليه وسلم- كتموه، وحسدوه.
قوله جل ذكره:
[[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ١٣]]
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣)
مضى تفسير الاستقامة. وإنّ من خرج على الإيمان والاستقامة حظى بكلّ كرامة، ووصل إلى جزيل السلامة.
وقيل: السين فى «الاستقامة» سين الطّلب وإن المستقيم هو الذي يبتهل إلى الله تعالى فى أن يقيمه على الحق، ويثبّته على الصدق.
قوله جل ذكره:
[[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ١٥]]
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)
.. أمر الإنسان برعاية حقّ والديه على جهة الاحترام، لما لهما عليه من حق التربية والإنعام، وإذا لم يحسن الإنسان حرمة من هو من جنسه فهو عن حسن مراعاة سيّده أبعد. ولو لم يكن فى هذا الباب إلا قوله- صلى الله عليه وسلم: «رضا الرب من رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما» لكان ذلك كافيا. ورعاية حق الوالد من حيث الاحترام، ورعاية حق الأم من حيث الشفقة والإكرام. ووعد الله على برّ الوالدين قبول الطاعة بقوله جلّ ذكره:
[[سورة الأحقاف (٤٦) : آية ١٦]]
أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (١٦)
فقبول الطاعة وغفران الزّلّة مشروطان ببرّ الوالدين. وقد ذمّ الله- سبحانه- الذي