للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه كلها أقسام الكون. وما من العدم لهم صار إلى العدم. القائم عنهم غيرهم، والكائن عنهم سواهم. وجلّت الأحدية وعزّت الصمدية، وتقدّست الديمومية، وتنزهت الإلهية.

قوله جل ذكره:

[سورة النور (٢٤) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧)

المساجد بيوته- سبحانه- وإنّ الله أذن أن ترفع الحوائج فيها إليه فيقضيها، ورفع أقدار تلك البيوت على غيرها من الأبنية والآثار. المساجد بيوت العبادة والقلوب بيوت الإرادة فالعابد يصل بعبادته إلى ثواب الله، والقاصد يصل بإرادته إلى الله.

ويقال القلوب بيوت المعرفة، والأرواح مشاهد المحبة، والأسرار محالّ المشاهدة.

قوله: «يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ ... » لم يقل: لا يتجرون ولا يشترون ولا يبيعون، بل قال: لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، فإن أمكن الجمع بينهما فلا بأس- ولكنه كالمتعذر- إلّا على الأكابر الذين تجرى عليهم الأمور وهم عنها مأخوذون «١» .

ويقال هم الذين يؤثرون حقوق الحقّ على حظوظ النّفس.

ويقال إذا سمعوا صوت المؤذن: حىّ على الصلاة تركوا ما هم فيه من التجارة والبيع، وقاموا لأداء حقه.

ويقال هم الخواص والأكابر الذين لا يشغلهم قوله: «هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ» عن التحقق يذكره من غير ملاحظة عوض أو مطالعة سبب.

قوله جل ذكره: يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ


(١) هذا رأى حاسم فى مدى وجوب السعى من أجل الرزق على طوائف أرباب الأحوال وتقدير لموقف من يعجزون عن ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>