للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإشارة من هذا أن حياة القلب لا تكون إلا بذبح هذه الأشياء يعنى النفس فمن لم يذبح نفسه بالمجاهدات لم يحى قلبه بالله.

وفيه إشارة أيضا وهو أنه قال قطّع بيدك هذه الطيور، وفرّق أجزاءها، ثم ادعهنّ يأتينك سعيا، فما كان مذبوحا بيد صاحب الخلة، مقطعا مفرّقا بيده- فإذا ناداه استجاب له كل جزء مفرّق.. كذلك الذي فرّقه الحق وشتّته فإذا ناداه استجاب:

ولو أنّ فوقى تربة ودعوتني ... لأجبت صوتك، والعظام رفات

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦١]]

مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)

فالخلف لهم الجنة، والذين ينفقون أرواحهم فى سبيل الله فالخلف عنهم الحقّ سبحانه، وشتان بين خلف من أنفق ماله فوجد مثوبته، ومن أنفق حاله فوجد قربته فإنفاق المال فى سبيله بالصدقة، وإنفاق الأحوال فى سبيله بملازمة الصدق، وبنفي كل حظ ونصيب، فترضى لجريان حكمه عليك من غير تعبيس القلب، قال قائلهم:

أريد وصاله ويريد هجرى ... فأترك ما أريد لما يريد

والإنفاق على ضربين: إنفاق العابدين وإنفاق الواجدين. أمّا العابدون فاذا أنفقوا حبّة ضاعف لهم سبعين إلى ما ليس فيه حساب، وأما الواجدون فكما قيل:

فلا حسن نأتى به يقبلونه ... ولا إن أسأنا كان عندهم محو

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٢]]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)

المنّ شهود ما تفعله، والأذى تذكيرك- لمن أحسنت إليه- إحسانك.

<<  <  ج: ص:  >  >>