صاحب الحوت: هو يونس عليه السلام، نادى وهو مكظوم: مملوء بالغيظ على قومه.
فلا تستعجل- يا محمد- بعقوبة قومك كما استعجل يونس فلقى ما لقى، وتثبّت عند جريان حكمنا، ولا تعارض تقديرنا.
«لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ» أي: لولا أنّ الله رحمه بفضله لطرح بالفضاء وهو مذموم ولكن:
«فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» فاصطفاه واختاره، وجعله من الصالحين بأن أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون.
قوله جل ذكره:«وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ» كانوا إذا أرادوا أن يصيبوا شيئا بأعينهم جاعوا ثلاثة أيام، ثم جاعوا ونظروا إلى ذلك الشيء قائلين: ما أحسنه من شىء! فكان يسقط المنظور في الوقت. وقد فعلوا ذلك بالنبي صلوات الله عليه، فقالوا: ما أفصحه من رجل! ولكنّ الله سبحانه حفظه، ومن بذكره عليه «١» .
(١) ننبه إلى نقطة هامة.. ورود اسم القشيري عند القرطبي لا يعنى أنه إمامنا عبد الكريم القشيري صاحب هذا الكتاب، بل ربما كان أحد أبنائه الستة.. فكلهم أئمة. وربما كان ابنه أبا نصر عبد الرحمن (انظر القرطبي الجزء العشرين ص ٥٤) وليس أدل على ذلك من المقارنة بين قول القشيري هنا وما جاء عند القرطبي في ح ١٨ ص ٢٥٥ (قال القشيري: وفي هذا نظر لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض، ولهذا قال: ويقولون إنه لمجنون) أي ينسبونك إلى الجنون إذا رأوك تقرأ القرآن.