للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين «١» القرآن فقال صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، والمصلّى مناج ربّه» قال لآدم: أذكر ما علّمتك للملائكة. وقال لنا: ناجنى يا عبدى بما علّمتك «٢» . وقد يلاطف مع أولاد الخدم بما لا يلاطف به آباؤهم.

ويقال: لمّا علّم آدم أسماء المخلوقات قال له: أخبر الملائكة بذلك، وعلّمنا كلامه وأسماءه فقال: اقرؤوا علىّ وخاطبوا به معى.

ويقال: علّم الأرواح القرآن- قبل تركيبها في الأجساد بلا واسطة «٣» ، والصبيان إنما يعلّمون القرآن- فى حال صغرهم- قبل أن عرفت أرواحنا أحدا، أو سمعنا من أحد شيئا.. علّمنا أسماءه:

أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبى فارغا فتمكّنا

ويقال: سقيا لأيام مضت- وهو يعلّمنا القرآن.

ويقال: برحمته علّمهم القرآن فبرحمته وصلوا إلى القرآن- لا بقراءة القرآن يصلون إلى رحمته.

قوله جل ذكره:

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣ الى ٤]

خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)

«الْإِنْسانَ» : هاهنا جنس الناس علّمهم البيان حتى صاروا مميّزين «٤» - فانفصلوا بالبيان عن جميع الحيوان. وعلّم كلّ قوم لسانهم الذي يتكلمون ويتخاطبون به.

والبيان ما به تبين المعاني- وشرحه في مسائل الأصول.

ويقال: لمّا قال أهل مكة إنما يعلّمه بشر ردّ الله- سبحانه- عليهم وقال: بل علّمه الله فالإنسان على هذا القول هو محمد صلى الله عليه وسلّم. وقيل هو آدم عليه السلام.

ويقال: البيان الذي خصّ به الإنسان (عموما) يعرف به كيفية مخاطبة الأغيار من الأمثال والأشكال. وأمّا أهل الإيمان والمعرفة فبيانهم هو علمهم كيفية مخاطبة مولاهم- وبيان


(١) هكذا في م وهي في ص (المسلمون) وهي خطأ في النسخ.
(٢) أنظر كتابنا (البسملة بين أهل العبارة وأهل الإشارة) ورأينا في معنى (الرحمن) .
(٣) إشارة إلى يوم الذرّ.
(٤) بتشديد الياء وفتحها على معنى أن البيان علامة تميزهم عن سائر الحيوان، وبكسرها على معنى أن البيان.
وسيلة انفرد بها الإنسان التعبير عمّا تكنه نفسه للتمييز بين الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>