تحمّلنا ألا نجيبهم، وبرحمتنا عليهم لا نسمع منهم دعاءهم. وربما يشكو العبد بأن الربّ لا يجيب دعاءه، ولو علم أنه ترك إجابته لطفا منه وأنّ فى ذلك بلاء لو أجابه، كما قيل:
إذا امتحن العبد وأصابه الضّرّ أزعجته الحال إلى أن يروم التخلّص مما ناله، فيعلم أنّ غير الله لا ينجيه، فتحمله الضرورة على صدق الالتجاء إلى الله، فإذا كشف الله عنه ما يدعو لأجله شغلته راحة الخلاص عن تلك الحالة، وزايله ذلك الالتياع، وصار كأنه لم يكن فى بلاء قط:
كأنّ الفتى لم يعر يوما إذ اكتسى ... ولم يك صعلوكا إذا ما تموّلّا
ويقال بلاء يلجئك إلى الانتصاب بين يدى معبودك أجدى لك من عطاء ينسيك ويكفيك عنه.
أخبر الحقّ سبحانه بإهلاك الظالمين، كما فى الخبر:«لو كان الظلم بيتا فى الجنّة لسلّط الله عليه الخراب» . والظلم وضع الشيء فى غير موضعه، فإذا وضع العبد قصده- عند حوائجه- فى المخلوقين، وتعلّق قلبه بهم فى الاستعانة، وطلب المأمول فقد وضع الشيء فى غير موضعه،