للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو رأيتهم يومذاك لرأيت منظرا فظيعا يرجع بعضهم إلى بعض القول، ويحيل بعضهم على بعض الجرم يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا: أنتم أضللتمونا، وينكر الذين استكبروا ويقولون: بل أنتم اتبعتمونا.. وهكذا أصحاب الزلات الأخلاء في الفساد، قال تعالى: «بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ» «١» .

وكذلك الجوارح والأعضاء غدا يشهد بعضها على بعض فاليد تقول للجملة أخذت، والعين تقول أبصرت، والاختلاف في الجملة عقوبة، ومن عمل بالمعاصي أخرج الله عليه كل من هو أطوع له، ولكنهم لا يعلمون ذلك، ولو علموا لا عتبروا، ولو اعتبروا لتابوا ووفّقوا.. ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا.

قوله جل ذكره:

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٣٤ الى ٣٥]

وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥)

أي قابلوا رسلنا بالتكذيب، وصبر رسلنا.. وماذا على هؤلاء الكفار لو آمنوا بهم؟

فهم لنجاتهم أرسلوا، ولصلاحهم دعوا وبلّغوا، ولو وافقوهم لسعدوا.. ولكنّ أقساما سبقت، وأحكاما حقت، والله غالب على أمره.

«وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» ليس هذا بكثرة الأموال والأولاد، وإنما هي بصائر مفتوحة لقوم، وأخرى مسدودة لقوم.


(١) آية ٦٧ سورة الزخرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>