للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال أصبح آدم عليه السّلام محمود الملائكة، مسجود الكافة، على رأسه تاج الوصلة، وعلى وسطه نطاق القربة، وفى جيده (....) «١» الزلفة، لا أحد فوقه فى الرتبة، ولا شخص مثله فى الرفعة، يتوالى عليه النداء فى كل لحظة يا آدم يا آدم. فلم يمس حتى نزع عنه لباسه، وسلب استئناسه، والملائكة يدفعونه بعنف أن اخرج بغير مكث:

وأمنته فأتاح لى من مأمنى ... مكرا، كذا من يأمن الأحبابا

ولمّا تاه آدم عليه السّلام فى مشيته لم يلبث إلا ساعة حتى خرج بألف ألف عتاب، وكان كما قيل:

لله درّهم من فتية بكروا ... مثل الملوك وراحوا كالمساكين

[فصل] نهاه عن قرب الشجرة بأمره، وألقاه فيما نهاه عنه بقهره، ولبّس عليه ما أخفاه فيه من سرّه.

قوله جلّ ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٦]]

فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦)

أزلهما أي حملها على الزّلة، وفى التحقيق: ما صرّفتهما إلا القدرة «٢» ، وما كان تقلبهما إلا فى القضية، أخرجهما عما كانا فيه من الرتبة والدرجة جهرا، ولكن ما ازداد- فى حكم الحق سبحانه- شأنهما إلا رفعة وقدرا.

قوله جل ذكره: وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ.

أوقع العداوة بينهما وبين الشيطان، ولكن كان سبحانه مع آدم (وحرب وهو معهم محالهم بالظفر «٣» ) .

[فصل] لم يكن للشيطان من الخطر ما يكون لعداوته إثبات، فإن خصوصية الحق سبحانه عزيزه قال تعالى: «إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» .

[فصل] لو كان لإبليس سلطان على غواية غيره لكان له إمكان فى هداية نفسه،


(١) مشتبهة ولكن يحتمل انها (نضار) فهى قريبة من ذلك فى الرسم.
(٢) هذا رأى على جانب كبير من الأهمية.
(٣) هكذا وردت العبارة فى ص وقد أثبتناها كما هى دون تصرف حتى فى رسم الحروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>